عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2021/08/10, 03:56 PM
الصورة الرمزية محمود الاسكندرانى
محمود الاسكندرانى محمود الاسكندرانى غير متواجد حالياً
♥ ♥ ♥ نـائـــب المـــــديـر الـعــــــام ♥ ♥ ♥
رابطة مشجعى نادى ليفربول
رابطة مشجعى نادى ليفربول  
تاريخ التسجيل: Jan 2021
المشاركات: 590
افتراضي أدب سيدنا موسى مع المرأتين


المرأتين 764648558.gif
المرأتين 13844341312.png
الكريم لا يحتاج أن تبين له حاجتك، ولا أن تشرح له حالك، يعرف ذلك من فلتات لسانك، ومن تعبيرات وجهك، ومن التفاف عينيك، يعرف حاجتك لأنه كريم محسن؛ موسى -عليه السلام- منذ أن نظر إلى المرأتين ورأى حاجتهما عرف ما يريدان، دون أن يُفصلا له ذلك أو يبينانه له، قال الله تعالى(فَسَقَى لَهُمَا)، أقبل إلى الماء ونزع الحجر الذي يسد فوهة الماء ثم أخذ بالدلو من الماء وسقى للغنم.
المرأتين 13844341312.png
ثم لم يرجع إليهم يطلب مكافأة على إحسانه وهو العطشان، لم يطلب أن يسقينه شيئاً من هذا اللبن وهو الجوعان، لم يطلب أن يهباه شيئاً من الطعام الذي معهما، لم يطلب منهما أن يُؤْوِياه وهو الخائف، لم يطلب أن يُسكناه، لم يلتفت إلى شيء من ذلك أبداً، إنما المحسن يحسن إلى الناس طلباً لما عند الله تعالى والدار الآخرة، فرزق الله خير وأبقى، وهو خير مما يجمعون، وفضل الله تعالى أعظم وأوسع وأكبر.
المرأتين 13844341312.png
قال الله تعالى (فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ) لم يتولَّ إلى المرأتين، تولى إلى الظل، ثم التفت ببصره إلى السماء، وهز أبواب السماء بأجمل الدعاء، وسأل الكريم المنان -جل وعلا- الذي يملكه ويملك المرأتين وأهلهما، الذي يملك أن يطعم الجائع وأن يداوي المريض وأن يؤمن الخائف، لجأ إلى ربنا -جل وعلا-: (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) أنا فقير إليك إلى رزقك وإلى تأمينك وإلى إحسانك، لست فقيراً إليهم.
المرأتين 13844341312.png
ثم لا تمر لحظات حتى تكون المرأتان قد عادتا إلى والدهما فحدثتاه بالخبر، فأرسل إحداهما لأجل أن تحضر موسى، وجعل الأخرى تعتني بشؤون البيت وشؤون هذه الدواب التي عندهم، قال الله تعالى (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ) يقول ابن عباس -رضي الله عنهما- لما قرأ قوله تعالى: (تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ) قال: لم تكن امرأة خلاجة ولاجة تخالط الرجال، وتنزع عنها الحياء والخجل، كلا، إنما قال الله تعالى (تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ) وكأنك بالمرأة وهي تمشي قد وضعت بصرها على الأرض، وجمعت على نفسها ثيابها، وجعلت تتمتم بكلمات بصوت منخفض لا يكاد موسى أن يسمع منها إلا اليسير ليفهم منها أنها تدعوه إلى بيت أبيها.
المرأتين 13844341312.png
وهذا حال المرأة العفيفة التي لا تصرخ بصوتها بغير حياء ولا خجل، إنما هذه المرأة تمشي على استحياء، (قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ) حكى له قصة مولده، وكيف كان ظلم فرعون للناس، وكيف كان يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم، وكيف فعل ببني إسرائيل، وما هو سبب خروجه -عليه السلام- من مصر، (وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ)، فإذا بذلك الرجل الصالح العالم يلتفت إلى موسى وهو يعلم أن ملك فرعون لا يصل إليهم في مدين، وأن أذى فرعون وجنوده لا تفكر أن تبحث عن موسى في مدين، (قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [القصص:24-25].
المرأتين 13844341312.png
ثم جزاء هذا الإحسان الذي أحسنه موسى -عليه السلام- إلى المرأتين لا يزال يتتابع عليه، فيجد مأوى، ويجد وظيفة بأن يرعى الغنم عند هذا الرجل الصالح، ويجد زوجة، ويجد بعد ذلك أهلًا من ذريةٍ؛ كل هذا من جراء إحسانه إلى الناس!.
المرأتين 13844341312.png
اللهم اجعلنا من أهل القرآن، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار يا رحمن، اللهم بارِكْ لنا في القرآن العظيم، وانفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
المرأتين 13844341312.png

التوقيع
رد مع اقتباس