عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2022/08/26, 10:15 PM
الصورة الرمزية محمود الاسكندرانى
محمود الاسكندرانى محمود الاسكندرانى غير متواجد حالياً
♥ ♥ ♥ نـائـــب المـــــديـر الـعــــــام ♥ ♥ ♥
رابطة مشجعى نادى ليفربول
رابطة مشجعى نادى ليفربول  
تاريخ التسجيل: Jan 2021
المشاركات: 586
افتراضي تحريمُ الربا أشدُّ من تحريمِ الميسر


764648558.gif
13844341312.png
(الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ) [البقرة:275].
فأخبر سبحانه: أنَّ الذين يتعاملون بالربا: (لَا يَقُومُونَ) أي: من قبورِهم عند البعث: (إلا كما يقومُ الذي يتخبَّطُه الشيطانُ من المَسِّ) أي: إلا كما يقومُ المصروعُ بالجنون في حالِ صَرْعِه، وذلك لتضخُّم بطونِهم، بسببِ أكلهم الربا في الدنيا.
كما توعَّدَ الله -سبحانه- الذي يعودُ إلى أكل الربا بعدَ معرفة تحريمه، بأنه من أصحاب النارِ الخالدين فيها، قال تعالى: (وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [البقرة:275].
كما أخبرَ الله -سبحانه-: أنه يمحَقُ بركةَ الربا، قال تعالى: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا) [البقرة:276].
13844341312.png
يمحقُ بركةَ المال الذي خالطَه الربا، فمهما كَثُرت أموالُ المرابي، وتضخمت ثروتُهُ، فهي ممحوقةُ البركة، لا خيرَ فيها، وإنما هي وَبالٌ على صاحبها تعبٌ في الدنيا، وعذابٌ في الآخرة، ولا يستفيدُ منها، وقد وَصَفَ الله المرابي بأنه كَفَّارٌ أثيمٌ، قال تعالى: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ)[البقرة:276].
13844341312.png
وقد أعلنَ الحرب منه ومن رسولِه على المرابي؛ لأنه عدوٌّ لله ولرسوله إن لم يترُكِ الربا، ووصفَه بأنه ظالمٌ، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ) [البقرة:278 - 279].
13844341312.png
كما أخبر صلى الله عليه وسلم: أنَّ درهماً واحداً من الربا أشدُّ من ثلاثٍ وثلاثين زنيه في الإِسلام، أو ستّ وثلاثين زنيه، على ما في الزنا من شناعةٍ، وأخبرَ أنَّ الربا اثنان وسبعون باباً أدناها مثلُ إتيان الرجلِ أمَّه.
13844341312.png
فالربا ظلمٌ محقَّقٌ لأنَّ فيه تسليطَ الغني على الفقير بخلافِ القمار، فإنه قد يأخُذُ فيه الفقيرُ من الغني، وقد يكونُ المتقامرانِ متساويين في الغنى والفقر، فهو وإن كانَ أكلاً للمال بالباطل وهو محرَّمٌ، فليسَ فيه من ظُلمِ المحتاج وضررهِ ما في الربا.
13844341312.png
وأكل الربا من صفاتِ اليهود التي استحقوا عليها اللعنةَ الخالدة والمتواصلة، قال الله -تعالى-: (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) [النساء:160-161].
13844341312.png
والحكمةُ من تحريمِ الربا: أن فيه أكلاً لأموال الناس بغيرِ حقٍّ؛ لأنَّ المرابي يأخُذُ منهم الربا من غيرِ أن يستفيدوا شيئاً في مقابله، فيه إضرارٌ بالفقراء والمحتاجين بمضاعفةِ الديون عليهم عند عجزِهم عن تسديدها، وفيه قطعٌ للمعروف بين الناس، وسدٌّ لباب القرضِ الحسن، وفتحٌ لبابِ القرض بالفائدة التي تُثقل الغنيَّ والفقير، وفيه تعطيلٌ للمكاسبِ والتجارات والحرف والصناعات التي لا تنتظمُ مصالحُ العالم إلا بها؛ لأنَّ المرابي إذا تحصَّلَ على زيادةِ ماله بواسطة الربا بدون تعبٍ، فلن يلتمسَ طرقاً أخرى للكسب الشاق، ما دامَ أنَّ مالَه يزيدُ تلقائيّاً في ذمةِ المدين.
13844341312.png
فَعَلى هذا كُلُّ ما شاركَ هذه الأشياء الستةَ المنصوصَ عليها في تَحقُّقِ العلة فيه بأنْ يكونَ مكيلاً مطعوماً، أو موزوناً مطعوماً، أو تحققت فيه علةُ الثمنية، بأنْ كان من النقود فإنه يدخُلُه الربا، فإن انضاف إلى العلة اتحادُ الجنس كبيعِ بُرٍّ ببُرٍّ، حُرِّمَ فيه التفاضلُ والتأجيلُ، لقوله صلى الله عليه وسلم: "الذهبُ بالذهب، والفضةُ بالفضة، والبرُّ بالبر، والشعيرُ بالشعير، والتمرُ بالتمر، والمِلْحُ بالمِلْحِ مِثلاً بمثل يداً بيد".
13844341312.png
إنَّ خطرَ الربا عظيمٌ، ولا يمكن التحرُّرُ منه إلا بمعرفةِ أحكامه، ومن لم يستطع معرفتَها بنفسه فعليه أن يسألَ أهلَ العلم عنها، ولا يجوزُ له أن يُقْدِمَ على معاملة أو يُسهِمَ في شركة أو مؤسسة إلا بعدَ تأكده من خلوها من الربا، ليسلمَ بذلك دينُه وينجُوَ من عذابِ الله الذي توعَّدَ به المرابين، ولا يجوز تقليدُ الناس فيما هم عليه من غيرِ بصيرةٍ، خصوصاً في وقتنا هذا الذي كَثُرَ فيه عدمُ المبالات بنوعية المكاسب.
وقد أخبرَ صلى الله عليه وسلم: أنه في آخر الزمان يَكْثُرُ استعمالُ الربا، ومَنْ لم يأكله نالَه من غباره.
نسألُ الله العافية والسلامة.
13844341312.png
أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ * وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [البقرة:278-281].
13844341312.png
اللهم اجعلنا من أهل القرآن، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار يا رحمن ...
13844341312.png
التوقيع
رد مع اقتباس